من البديهي القول بأن أغلب الناس يفضلون بألا يدخلوا إلى غرفة الطوارئ ومن المؤكد بأنهم يفضلون التعرض العلاج الطارئ فقط عن طريق المسلسلات الطبية التي يشاهدونها مثل ER، ولكن للأسف الواقع مختلف، والحياة مليئة بالمفاجئات غير السارّة التي تتطلب زيارات إلى غرفة الطوارئ، وتحديدًا لقسم طب الطوارئ. على الرغم من ذلك، من قام مؤخرًا بزيارة هذا القسم المتواجد في المركز الطبي هيلل يافه في الخضيرة شعر على الأغلب بالراحة خلال تلقي العلاج، ذلك لأن القسم، وتحت الإدارة الحازمة لد. جلال أشقر، مرّ على مدى السنين (وعلى وجه الخصوص خلال السنة الماضية) بتحسينات كبيرة وهامة أمكنت تقديم علاج مهني، فعال، انساني وسريع لكل محتاج له.
يقول د. أشقر في مقابلة خاصة مع صحيفة "حداشوت كيسارية":"مرّ قسم طب الطوارئ في مشفى "هيلل يافه" بتحسينات منذ سنة 1995، ومؤخرًا قمنا بإجراء تحسينات جوهرية أخرى". "في السنة الماضية قمنا بتقسيم القسم لأجنحة وبهذا احدثنا تغييرًا جذريًا. قمنا بفتح قسم أسميناه "طوارئ الخطوات" (walk in clinic) وهو معدّ للأشخاص الذين يصلون إلى القسم وباستطاعتهم الوقوف على أرجلهم. يتم ارسال هؤلاء الأشخاص إلى غرفة الممرضات في القسم. الممرضة المتواجدة في الغرفة تقوم باستقبالهم وبفحصهم بصورة أولية. ومن هناك يتم ارجائهم إلى فحص الطبيب وأيضًا يتلقون كل العلاجات في الغرفة بدون الحاجة إلى سرير. وبهذا نقدم لهم علاجًا سريعًا وفي ذات الوقت نخفف من الضغط على القسم الذي يمكث فيه مرضى الذين هم بحاجة للاستلقاء. قمنا كذلك بفتح قسم للعظام. غرفتين تضمان طبيب عظام وممرضة مسؤولة يقومون بتقديم المساعدة للمصابين بصورة سريعة بدون الحاجة إلى الإنتظار كما كان الوضع عليه في السنوات السابقة. إلى جانب الغرف يوجد غرفة جبص وغرفة تقطيب، يتم ارسال المصابون إليها بحسب الحاجة. قسم الطوارئ الكبير يحتوي على 29 مكانًا، يفصل بينها ستائر وهو مقسم لجناحين: داخلي- لتقديم العلاج للأقسام الداخلية وجراحي- لجميع الأمراض الجراحية. لدينا كذلك غرفة لعلاج الصدمات تحتوي على ثلاثة أسّرة وهي معدّة للمرضى الذين يصلون إلينا بحالات صعبة في أعقاب حادث طرق، حادث عمل أو نوبة قلبية. اضافة إلى ذلك فقد بدأنا باستخدام سجلات حاسوبية للمرضى تستند إلى برنامج حاسوب طبي مناسب، وهذا الأمر متوفر فقط في بعض أقسام طب الطوارئ في البلاد".
الإنسانية في المهنة
تخرج د. جلال أشقر من كلية الطب في بولونيا، ايطاليا، وهو اختصاصي في الطب الباطني وفي طب الطوارئ وقد أتمم هذه الاختصاصات في "هيلل يافه". بين عامي 2000 و 2003 شغل منصب نائب مدير قسم طب الطوارئ في المسنشفى وفي سنة 2004 تم تعيينه مديرًا للقسم. ولد د. أشقر وترعرع في باقة الغربية، يسكن في باقة الغربية وهو متزوج وأب لخمسة.
د. أشقر، ما الذي جذبك في مهنة الطب، لماذا اخترت أن تصبح طبيبًا؟
"في فترة المدرسة الثانوية ابتدأت أفكر في تعلم مهنة الطب وذلك للأنسانية الغامرة التي في هذه المهنة، التي يمكن عن طريقها مساعدة الغير ويمكن كذلك الشعور بالرضا. اذا عاد الزمن إلى الوراء كنت سأختار نفس المهنة وبنفس الطريق".
كيف استقبلت عائلتك هذا الأختيار؟
"قامت العائلة وتقوم بتقديم الدعم لي، أهلي ولاحقًا زوجتي وأبنائي. كنت بحاجة ماسة إلى دعم كامل من العائلة لأتمكن من العمل والتقدم. عندما بدأت بتعلم الطب كنت تحت سن العشرين، أنا أعمل في قسم الطوارئ في "هيلل يافه" لعشرون عامًا، من ضمنها عشر سنوات عملت كمدير للقسم".
لماذا اخترت قسم الطوارئ تحديدأ؟
" تجذبني الفاعلية وإنقاذ الأرواح. من يحب طب الطوارئ عليه أن يكون صبورًا ومتسامحًا، شخصًا يمكنه التعامل مع المفاجئات وأن يسيطر على نفسه ويرسم ابتسامة على وجهه. في الأقسام الأخرى الطاقم العامل هو الذي يحدد أوقات العمل، بينما في قسمنا المرضى هم الذين يحددون أوقات العمل".
كيف تفاوم الأنهيار الذي قد ينجم عن ممارسة وظيفة صعبة كهذه لسنين طويلة؟
تقديم العلاج في الوقت الحقيقي عندما تكون وتيرة تبدل المرضى عالية، أيضًا يتم استقبال مرضى غير متوقعين، الشعور بالرضا ينجم عن اجراء تشخيص وتقديم علاج أولي بسرعة. من يهوى طب الطوارئ عليه أخذ هذا بالحسبان. ولكننا لا نقوم فقط بتقديم العلاج المركّز للمرضى، بل نقوم أيضًا بادارة اجتماعات منتظمة، نقوم بتحليل جزء من الحالات المثيرة للإهتمام ونخطط للمستقبل بحسب القواعد والبروتوكولات لعمل منتظم".
من يعمل في مجال طب الطوارئ لسنين طويلة بحاجة إلى الأدرينالين؟
"كما يبدو فأنني والطاقم "مدمنون" على الأدرينالين. بأمكاني القول بأنني آتي إلى لقسم باكرًا، انتظم في مكتبي حتى الثامنة والنصف، وفي الثامنة والنصف أشعر بأنني جاهز للعمل. هذا نمط معين من "الناس".
هل كنت تريد أن يصبح أبنائك أطباءً أم تفضل أن يسلكوا طريقًا أخرى؟
"لأولادي حرية الإختيار" . باستطاعتهم رؤية كيف تسير حياتنا والقرار بأيديهم. بغض النظر عن اختيارهم سأقف دائمًا إلى جانبهم ولن أضغط عليهم ليسلكوا أي اتجاه. لهم حرية الإختيار".
على أي حال فإن اثنين من أولادي الخمس قد اختاروا مجال الطب. ابنتي الكبرى تدرس للقبها الثاني في مجال التربية الخاصة، ابنتي الثانية أنهت دراسة الطب وتنوي التخصص في طب الأطفال، ابنتي الثالثة ستنهي قريبًأ دراسة طب الأسنان، ابني الرابع يريد تعلم موضوع علوم الحاسوب وابني الأصغر ما زال في الصف العاشر ولكني أظن أنه يهوى مجال الطب".
المزيد والمزيد من حوادث الطرق
نستقبل في كل سنة في قسم طب الطوارئ في "هيلل يافه" ما يقارب الـ113 ألف حالة. يفتخر د. أشقر بمعدل مدة بقاء المرضى في القسم المنخفض والذي يساوي 2.36 ساعات، بحسب استطلاع قامت به وزارة الصحة. "يعتبر هذا الرقم من الأخفض في البلاد، إن لم يكن الأخفض على الإطلاق" ويتابع "أنا فخور بذلك. توقعاتنا وهدفنا هو أن نتابع التحسن على الدوام وأن نقدم العلاج للمرضى بأحسن شكل وفي أقصر وقت. هذا يعود بالفائدة على الجميع-على المرضى وعلينا".
في السنوات الأخيرة يتعامل قسم طب الطوارئ في "هيلل يافه" مع الكثير من حوادث الطرق، أكثر بكثير مما كان في السابق. يقع المشفى قريبًا من طرقات مركزية- شوارع رقم 2،4،6- تؤدي إلى نقل جرحى إلى المشفى، 22 بالمائة من مجمل مصابي حوادث الطرق يتم نقلهم إلى المركز الطبي في الخضيرة. يتم استقبال الأصابات الصعبة في قسم الصدمات في القسم. د. أشقر، والذي قام بمشاهدة المسلسل الطبي ER يضحك عند سؤاله ما ذا كانت مشاهد المسلسل المعروفة تحدث لديه: طاقم طبي يقوم بحمل النقالة الطبية في ارجاء المشفى وفي أثناء ذلك يقدم العلاج الأولي. " لا تبدو هذه المشاهد هكذا عندنا " يتابع "ولكن في غرفة الصدمات وفي أوقات الضغط من المهم أن يكون هنالك نظام". ولهذا على أرضية غرفة الصدمات مرسوم اثآر قدمين باللون الأحمر تشير إلى موقع وقوف الطبيب المتمرس الذي يعالج الحالة الطبية. هو الوحيد الذي يتكلم والذي يعطي الارشادات" يوضح د. أشقر "في هذه الحالات فقط شخص متمرس واحد يقرر ما يجب فعله، كما في الجيش".
في كل وردية مسائية يعمل طبيب منمرس واحد وهو مسؤول عن الجناح، يقرر ما يجب فعله لعلاج كل مريض في القسم أو لنقله لأقسام أخرى في المشفى. اضافة إلى ذلك، يشير د. أشقر، فأنه يعرف رؤساء أقسام طب الطوارئ في البلاد معرفة شخصية، ولديهم منتدى مشترك ويقومون باستشارة بعضهم البعض عن طريق المراسلة وهم متواصلون كل يوم في زمن فعلي. أضف إلى ذلك، فإنه يحاضر في كلية الطب التابعة للتخنيون وفي كلية التمريض في المركز الطبي في مجال طب الطوارئ.
هل تشعر بالتغييرات التي تطرأ على تصرفات الأشخاص الذين يأتون إلى قسم الطوارئ، بقلة الصبر التي قد تتطور أحيانًا لعنف؟
"نقوم باستقبال جمهور متنوع يمثل التنوع البشري في الجمهور الإسرائيلي. نقدم المساعدة لما يقارب الـ400 ألف من السكان في المنطقة والذي ليس بالضرورة جمهورًا سهلا، قسم من هذا الجمهور هم أناس متطلبون وفي حالات العنف المبادرون إلى ذلك هم ليسوا المرضى أنفسهم وإنما المرافقون لهم. المبالغة في ذلك نشاهدها بشكل رئيسي لدى الشبيبة".
كيف تتعاملون مع حالات العنف ضد الطاقم المعالج؟
"نتحلى بضبط النفس. في اجتماعات الطاقم نتداول هذه الحوادث وحول طرق التعامل معها. أفراد الطاقم تلقوا حلقات دراسية للتعامل مع حالات العنف. يوجد رجل أمن عند مدخل القسم ، وتدور في وزارة الصحة أقاويل حول وضع عناصر من الشرطة في كل غرف الطوارئ في البلاد والتي ستعمل على ردع واعتقال المخلين بالنظام وبهذا من جانب واحد نعمل على ردة فعلنا ومن ناحية أخرى هنالك الأمن والذي يساندنا".
هل هنالك مريض تذكره بشكل خاص؟
"احافظ على علاقاتي مع اناس كثر على مر السنين، الجيل الأول وأيضًا الجيل الذي يليه. كان هنالك الكثير من حالات انقاذ الأرواح مثيرة للإهتمام".
ما هو تعريفك لـ " حالة مثيرة للإهتمام"؟
" حالات مثيرة للإهتمام بإمكانها أن تكون إنعاش، عند إحضار شخص فاقد للوعي مع نوبة قلبية حادة، أو صدمة ناجمة عن سقوط من علو، حادث طرق أو حادث عمل".
ماذا ينقص غرف الطوارئ في البلاد بحسب رأيك؟
"يوجد نقص في البنى التحتية وفي التنظيم في كل البلاد. بالرغم من أن اتفاقات العمل الأخيرة جيدة لطاقم التمريض وللأطباء. من ناحية الورديات فإن وضع الأطباء أفضل من السابق".
فيما مضى استقبل "هيلل يافه" اصابات صعبة نتيجة لأعمال إرهابية. ما هو التحدي الأكبر لكم؟
"حدث فيما مضى أعمال إرهابية في الخضيرة، ولحسن الحظ منذ عام 2005 هنالك هدوء، ولكننا نرى المزيد من حوادث الطرق وحوادث العمل".