"كما في موسم شتاء تكثر فيه الإصابة بالإتفلونزا". الدكتورة ميخال شتاين
|
بالنظر إلى صورة الوضع الراهن في وزارة الصحة فقد تم تشخيص الإصابة بفيروس كورونا (covid19) لدى ما يقارب 3400 طفل وفتى حتى سن 19 سنة. "وبناء على المعلومات التي جمعتها الدائرة الإسرائيلية للأمراض المعدية لدى الأطفال، هناك عشرات الحالات التي تم فيها إدخال الأطفال إلى المستشفيات وغالبيتها الساحقة كانت حالات طفيفة، حيث تم إدخالهم إلى المستشفى لأجل عزلهم في حجر صحي وليس بسبب خطورة حالتهم. وقد تعافى جميعهم دون أي ضرر ولم تتطور لديهم أمراض رئوية شديدة ولم يحتج أحد منهم للتنفس الاصطناعي. كان هناك ثلاثة أطفال فقط، في سن 11-16 سنة، ممن تطورت لديهم حالة "التهاب عاصف" شبيه بمرض كاواسكي (متلازمة العقدة اللمفية المخاطية الجلدية) وكانت حالتهم صعبة، لكنهم سرعان ما تشافوا من المرض واستعادوا عافيتهم"، وهذا ما قالته مديرة قسم الأمراض المعدية في مركز هيلل يافي ورئيسة الدائرة الإسرائيلية للأمراض المعدية لدى الأطفال، الدكتورة ميخال شتاين.
وبالنظر إلى نتائج البحث الذي أجراه معهد جرتنر التابع لوزارة الصحة في مدينة بني براك، وهي إحدى بؤر تفشي الوباء في إسرائيل، يتبين لنا أن نسبة الإصابة بالعدوى في أوساط الأطفال أقل بكثير مقارنة مع الكبار، حيث بلغت نسبة الإصابة لدى الأطفال حتى سن 10 سنوات ما بين 20% حتى 40% مقارنة بالكبارـ وفي سن 10-20 سنة كانت نسبة الإصابة ما بين 30% حتى 50% مقارنة بالكبار. كذلك فإن قدرة الأطفال على نقل العدوى كانت أقل بكثير بالمقارنة مع كبار السن.
وتضيف الدكتورة شتاين قائلة: "وهذه المشاهدة تتوافق مع التقارير الواردة من أماكن اخرى في العالم، حيث أشارت إلى أن خطورة الإصابة لدى الأطفال ضئيلة بشكل كبير بالمقارنة مع الكبار، وحتى عند إصابتهم فستكون تلك إصابة غير مصحوبة بأعراض أو مرض خفيف. إن إمكانية تفاقم حالة مرضية خطيرة لدى الأطفال هي أمر نادر للغاية".
هل يمكن أن يسبب فيروس الكورونا مرض كاواسكي؟
أفادت وسائل الإعلام مؤخراً عن حالات أطفال من الولايات المتحدة وأوروبا ممن نشأت لديهم أعراض لتفاعلات التهابية مفرطة شبيهة بمرض كاواسكي وسببها الإصابة بفيروس كورونا (covid 19). وقد تم وصف مرض كاواسكي في سنوات الستينات من القرن الماضي في اليابان وقد سُمي المرض باسم الطبيب الذي قام بتعريفه. وهذا المرض هو التهاب شامل يصيب الأوعية الدموية وخاصة الأوعية الدموية متوسطة الحجم وعلاماتها ارتفاع حرارة الجسم بشكل متواصل واحمرار في ملتحمة العين (الغشاء المبطن لجفن العين) واحمرار الشفتين وتشققهما وانتفاخ اللسان واحمراره، وظهور طفح جلدي وانتفاخ في كفّات اليدين والقدمين وتضخم الغدد اللمفاوية والتهاب المفاصل وارتفاع مؤشرات فحص الدم التي تدل على وجود التهاب وغيرها من العلامات. وتقول الدكتورة شتاين إن "أكثر ما نخشاه في هذا المرض هو التهاب شرايين القلب التاجية الذي من شأنه التسبب بضرر على المدى البعيد من خلال نشوء نقاط تمدُّد (انيوريسم) في تلك الأوعية الدموية، والتي قد تزيد من خطورة الإصابة بنوبة قلبية. كذلك فإن مرض كاواسكي الذي يصيب الأطفال في سن الطفولة المبكرة غالباً ما يتلاشى من تلقاء نفسه ومن النادر للغاية أن يتسبب بانهيار وظائف أجهزة الجسم. يتم معالجة المرض من خلال إعطاء مضادات وأسبيرين لأجل وقف الالتهاب ومنع التوسعات في أوعية القلب الدموية".
السبب المُحدد لمرض كاواسكي غير معروف، لكن الاعتقاد الشائع هو أن العدوى والفيروسات المختلفة هي التي تثير الحالة الالتهابية المؤدية إلى نشوء المرض. أما بخصوص المرض المتسبب من فيروس كورونا المستجد (covid 19) فقد وصلتنا أوصاف لحالات مرض كاواسكي "تقليدية" لكن كانت هناك حالات مرضي عاصفة أدت إلى انهيار عدد من أجهزة الجسم. حيث احتاج كثير من الأطفال إلى الاستعانة بجهاز التنفس الاصطناعي وتم إعطائهم أدوية لرفع ضغط الدم، وذلك بخلاف مرض كاواسكي العادي التي غالباً م لا تستدعي اللجوء لهذه الإجراءات العلاجية. وعدا ذلك فقد كان هؤلاء أطفال كبار السن نسبياً وبعضهم في سن المراهقة، بل ووصل تقرير عن شاب بعمر 26 سنة أصيب بمرض عاصف شبيه.
الكورونا والنزلة (إِنْفلوَنْزَا)- ما الفرق بينهما؟
على حد تعبير الدكتورة شتاين فإن "قسم كبير من إجراءات التعامل مع الوباء الحالي تعتمد على المعلومات المتراكمة بشأن تفشي الإنفلونزا، غير أن الأطفال في حالة الإنفلونزا هم عبارة عن "قوة دافعة" مهمة للغاية في سلسلة العدوى، حيث يصابون بالعدوى أكثر من الكبار وينقلون المرض إلى أفراد عائلاتهم، ولهذا فإن إغلاق المدارس هو خطوة حاسمة لوقف انتشار الإنفلونزا".
"أما بالنسبة لوباء كورونا (covid 19) فقد تبين لنا أن نسبة نقل العدوى لدى الأطفال أقل منها لدى الكبار. ومن جملة الأمور التي تم عرضها في مقال استطلاعي تم نشره هذا الشهر في مجلة The Lancet Child & Adolescent Health هناك نماذج قامت بفحص انتشار المرض لدى الأطفال ووجدت ان إعلاق المدارس بحد ذاته ستمنع على الأكثر 2%-4% من حالات الوفاة، أي أقل بكثير من خطوات التباعد الاجتماعي الأخرى. ويعزز المقال الادعاء بأن إغلاق المدارس ليست خطوة لا مفر منها لمنع انتشار الوباء. لقد أنزل وباء كورونا (covid 19) ضرراً كبيراً على الأوضاع الاقتصادية، وللأسف فقد يحتاج الاقتصاد إلى سنوات إلى أن يتعافى. وعودة الأطفال إلى الأطر التربوية، وخاصة صغار الأطفال الذي يحتاجون إلى رعاية من الأهل هي أمر لا بد منه لكي يُتاح للأهالي العودة إلى عملهم. فالشهادات المتراكمة من العالم ومن البلاد بخصوص نسبة الإصابة بالعدوى وقدرة نقل العدوى هي نسب قليلة في أوساط الأطفال وتشجع على اتخاذ إعادة فتح المدارس" على حد قول الدكتورة شتاين.
الخلاصة: أنرس الأطفال لمدرسة أم لا؟
تختتم الدكتورة شتاين بقولها إن " مخاوف الأهالي واضحة ومفهومة، وخاصة إذا كانوا اهلي طفل مصاب بمرض مزمن. أما بالنسبة للأطفال الأصحاء، فعلينا أن نتذكر أنن ليس بوسعنا حقاً أن نمنع انتقال العدوى بين الأطفال، لكن من النادر أن تكون الإصابة بالمرض صعبة وشديدة. لا يمكننا في هذه المرحلة أن نعرف من هم الأطفال المعرضين لإصابات مرضية صعبة. إنما نعتمد في هذه المرحلة على المعلومات التي تراكمت بالنسبة للكبار وبالنسبة لخطورة المرض في حال وجود أمراض أخرى. نشرت رابطة أطباء الأطفال تعليمات تفصيلية بالنسبة لعودة الأطفال المصابين بأمراض مزمنة إلى المدارس، وعلى العموم يجب التعامل مع هذه الفترة كما نتعامل مع موسم الشتاء التي تكثر فيها الأمراض المتسببة من الفيروسات في الجهاز التنفسي. وإذا كان بإمكاننا إرسال الأطفال إلى المدارس في أوج موسم مرض الإنفلونزا، فمن المعقول أن نرسلهم الآن إلى المدارس. ومن المهم بالطبع أن يحرصوا على لبس القناع قدر الإمكان والمحافظة على النظافة وغسل اليدين والابتعاد لمسافة معينة عن الآخرين وأخذ تطعيم ضد الأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها".